برنارد هيدسيك
يُعَدُّ برنارد هيدسيك المولود عام 1928 والذي عاش حتى 2014، أحد أعظم الشعراء الفرنسيين في القرن العشرين، وأساس حركة الشعر الصوتي.
قرر في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي الانفصال عن الشعر المكتوب، وإخراجه من الكتاب ليصبح على خلاف الشِّعر الجامد، شِعرًا نشطًا أو “واقفًا” حسب تعبيره. ويُعَدُّ منذ 1955 أحد مبدعي الشعر الصوتي، ومن ثم الشعر الحركي في عام 1962. وقد كان يستخدم منذ عام 1959 جهاز التسجيل كوسيلة للكتابة والبث الإضافي، منطلقًا في ميادين جديدة للتجربة.
ظل ملتزمًا بالمعاني والدلالات، إلّا أنه حرر نفسه تدريجيًّا من قيود اللغة مستكشفًا كل أبعادها الشكلية، سواء من خلال تحديد مكان النص، أو في المقاطع التي يكتبها، أو من خلال وجود جسده في فضاءٍ ما. يأخذ الصوت بُعدًا بلاستيكيًّا معه، ويشير هذا المصطلح في الفن إلى استخدام المواد والأشكال والألوان لإنشاء تأثيرات بصرية وملموسة في العمل الفني، فيما يخص أعمال بيرنارد فذلك إشارة إلى استخدام الكلمات والأصوات والأداء بشكل مبدع ومبتكر لإنشاء تأثيرات بصرية وسمعية مماثلة لتلك التي تم إنشاؤها في الفن البلاستيكي، لاسيما مع أسلوب إلقائه الاستثنائي الذي يعتمد على التنفس بقدر ما يعتمد على التعبير المثالي أو على الإيقاعات المتجددة باستمرار لصوته.
إحدى قصائد برنارد على شكل مقاطع
على مر السنين، أعادت كتاباته تشكيل نفسها لتعكس بشكل أفضل حياتنا اليومية، وعالمنا الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، عبر أحداثها الرئيسة، ومن خلال ابتذالها الشديد في بعض الأحيان. في عام 1955 قام بتطوير أول أعماله المسماة “ Poèmes-Partitions“ وهو عمل فني متعدد الوسائط حيث يتضمن الشعر والفن والموسيقى والأداء. ثم واصل بين عامي 1966 و 1969 العمل في مجموعات باستخدام ما يسمى “Biopsies” وهي الأداءات الصوتية التي تتضمن المؤثرات اللفظية والغنائية، والتي تُستخدم لإنشاء مجموعة متنوعة من الأصوات والإيقاعات وصل عددها إلى 13. السنوات من عام 1969 إلى عام 1980 كانت مكرسة للـ29 عملًا التي يطلق عليها “Passe-Partout” وهو مصطلح يُستعمل لوصف الأعمال متعددة الاستخدامات والتي تناسب جميع الأذواق.
من عام 1978 إلى عام 1986، قام بكتابة عمله درويش/لو روبرت. ولا يوجد شرح لسبب اختياره لمسمى درويش؛ ولكن يُرجَّح إلى أنه يشير إلى أن أعماله تتميز بالحركة والتدفق المستمر مثلما يتحرك الدراويش أثناء قيامهم بالرقص، وقد تألف العمل من 26 قصيدة صوتية. ثم منذ عام 1988،بدأ بما يسمى بـالتنفس واللقاءات القصيرة. (60) قصيدة أُنتجت من أرشيف تسجيلات أنفاس الفنانين تتضمن هذه التسجيلات مجموعة من الشعراء والفنانين الصوتيين الذين يتنفسون في الميكروفون لخلق أصوات وإيقاعات، نُشرت على شكل أقراص الفينيل وانتشرت على نطاق واسع في الأوساط الفنية والشعرية.
إلى جانب نشاطه الخاص، نظم في عام 1976 في باريس أول مهرجان دولي للشعر الصوتي في الاستوديو الفني “Atelier Annick Le Moine “. فضلًا عن تنظيمه – بالتعاون مع الشاعرة والكاتبة الفرنسية المعاصرة ميشيل ميتال – للاجتماعات الدولية للشعر الصوتي في كلٍّ من المدن الفرنسية التالية: رين ، لوهافر، وفي باريس في مركز جورج بومبيدو. شارك لسنوات عديدة في تنظيم مهرجان Polyphonix، الذي شغل منصب رئيسه لبعض الوقت. وقد قدم أكثر من 540 قراءة عامة لنصوصه في حوالي عشرين دولة.
—-
تُرجم عن اللغة الفرنسية،
نوف سلمان