أهم شيء في الحياة،
أن نخلق فنا جميلا.
أن نذهب قدما نحو المستحيل وبعينين مغلقتين،
مثل الإيمان، أو الحب. ” (مقتطف من القصيدة رقم 1/ديوان:فضول)
أنطونيو بوتو(1897 -1959)صوت متفرد في الأدب البرتغالي، وله مكانة كبيرة لا تقل عن مكانة صديقه المقرب( فرناندو بيسوا)، والذي قال عنه في إحدى مقالاته أنه بسبب بوتو، قد فتح بابا جديدا لما يمكن قوله والإفصاح به، وهو أمر لم يكن مسموحا في السابق، وأنه شخص جمالي، يسعى دائما من خلال فنه أن يجعل العالم مكانا جميلا، وأنه لا يوجد غيره من يستحق أن يطلق عليه هذه التسمية، وتحدث على أنه أديب بارع سعى دائما على أن يقدم الحضارة الاغريقية في فنه، وأنه ملم كبير بالحضارة الهيلينية.
وأنا وإن ترجمت أعمال أنطونيو بوتو وجعلتها في كتاب واحد (يصدر قريبا) فإنني أرجو أن يكون لهذا العمل محاسن كثيرة؛ لأن أول من قام بترجمة جميع قصائده من البرتغالية إلى الإنجليزية هو فرناندو بيسوا، وهو من كتب له مقدمة طويلة؛ بل أن بيسوا هو أول من نشره قصائده في مجلته بعد أن رفضوه الكل، وهذه زاوية مغايرة يمكن لنا نحن كقراء عرب أن نمعن النظر فيها، فهذا بوتو، صديقه المقرب ويده اليمنى، والذي لا يقل أهمية عن صديقه الآخر ماريو دي سا-كارنيرو، وأشهر صور بيسوا في المقهى يكون بوتو جالسا معه على الطاولة، وكما قال الشاعر العربي بهاء الدين زهير:
أقول زيد، وزيد لستُ أعرفه.. وإنما هو لفظ أنت معناه
وإن كان البون شاسع بين مقصد بهاء وما اكتبه الآن عن بوتو؛ لكن المتمعن يرى أننا وإن قصدنا بوتو، فإننا نريد منه أن نعرف بيسوا بشكل أدق، وأن نبحث ونتمحص ما كانت عليه آراءه عندما عبَّر عن أمور هي حساسة، وكثير ما كان الجدل يثار حولها، وخاصة في زمنه، مثل الأدب المثلي والجنسانية والجمال في الأدب، ومن قرأ ما ترجم عن بيسوا إلى العربية فإنك لا تجد هذه المواضيع إلا بشكل عابر رغم سطوتها في أعماله، وفي مقالاته، وفي قصائد أغلب شعار جيله؛ لأن الفترة الزمنية تلك كانت محتدمة، والصراع فيها كان على أوجهه. لأجل ذلك، لعلنا فعلنا خيرا إن قدمنا أنطونيو بوتو للقراء العرب، وكذلك فرناندو بيسوا من زوايا مختلفة لم يتطرق لها من قبل، ثم إن القصائد الكثيرة التي عبَّر عنها بوتو، هي في غاية الرقة والجمال، فهو لم يعبر عن الجسد فقط، بل عن الطبيعة، عن الحياة، عن الانسان.
هشام الحربي.
مترجم سعودي